نظّم مئات المتقاعدين من أصحاب المعاشات في مدينة "الأحواز العاصمة"، مؤخرًا، وقفة احتجاجية حاشدة، احتجاجًا على تردي أوضاعهم المعيشية، مؤكدين أنهم لم يصرفوا المعاشات التقاعدية حتى الآن، ومطالبين بزيادة هذه المعاشات بما يتوافق مع الزيادة الكبيرة في الأسعار، ومع ارتفاع معدل التضخم إلى أرقام قياسية، فضلًا عن المطالبة بتحسين الخدمات الاجتماعية المُقدمة لهم.
بدأت هذه الاحتجاجات عندما تجمع عشرات العمال المتقاعدين في الأحواز العاصمة، بسبب عدم صرف المعاشات التقاعدية المخصصة لهم. وردد المحتجون هتافات مثل "حداد حداد اليوم، حقوق المتقاعدين أصبحت تحت عباءة الملالي"، و"يا رئيسي يا كذّاب أين وعودك؟" و"نهبوا الصندوق (الخاص بالمتقاعدين) وجعلونا فقراء".
طالب المتقاعدون بزيادة المعاشات إلى المعدل الحقيقي لما يسمى "سلة الكفاف"، وأكدوا خلال الاحتجاج بعدم امتثالهم لقرار المجلس الأعلى التابع للحكومة حتى العمل بزيادة الحد الأدنى بنسبة 38 بالمئة، وذلك ردًا على متحدث الحكومة الإيرانية الذي اعتبر أن الزيادات التي أضافتها الحكومة ورفضها المتقاعدون تعدّ "إحدى أكبر الزيادات خلال 20 عامًا، وما يقرب من 20 بالمئة فوق معدل التضخم الرسمي".
ووفق الشعارات المكتوبة على اللافتات، طالب أصحاب المعاشات المحتجين بزيادة معاشاتهم الشهرية بنسبة محددة حسب معدل التضخم، مؤكدين حقهم في "الحياة فوق خط الفقر"، وفي العلاج المجاني.
ورفع المتقاعدون في هذه التجمعات شعارات مثل "سرقوا موارد البلد وجعلونا فقراء"، "لم نر عدالة، لم نسمع إلا كذبًا"، "لا وعود ولا أكاذيب نريد تطبيق تعديل التصنيف"، "الكرامة، العيش حقنا غير القابل للتصرف"، "العيش، الكرامة، الصحة حقنا غير القابل للتصرف"، "لا تكذبوا على الشعب كيف السيطرة على التضخم"، "لا البرلمان ولا الحكومة يهتمان بنا".
تسببت الظروف المعيشية الصعبة وعدم استجابة الحكومة لمطالب المواطنين، في تحوّل مدن مختلفة في إيران إلى مسرح لاحتجاجات يومية، من قبل فئات مختلفة، بما في ذلك المتقاعدين والمعلمين والعمال.
ولا تقتصر احتجاجات المتقاعدين على الأحواز فقط، بل إن مُدنًا في الداخل الإيراني تشهد انتفاضات لأصحاب المعاشات، لكونهم الفئة الأشد فقرًا ومعاناة في الإقليم المحتل، وفي إيران عمومًا، حيث شهدت محافظات عدة موجة من الاحتجاجات التي نظمها متقاعدون للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، ورفع المعاشات في ظل الغلاء الفاحش الذي تعاني منه البلاد.
ويقول المراقبون إن احتجاجات المتقاعدين هي علامة على "عدم الرضا العام" في المجتمعات الإيرانية. حيث أدت الظروف المعيشية الصعبة وعدم استجابة الحكومة لطلبات هؤلاء المتقاعدين إلى أن تصبح مدن مختلفة في إيران مسرحًا لاحتجاجات يومية من قبل فئات مختلفة، بما في ذلك المتقاعدين والمعلمين والعمال.
حال المتقاعدين عن العمل من دوائر التأمين الاجتماعي في مدينة السوس الأحوازية، ليس بأفضل من زملائهم في باقي المدن الأحوازية، وفي مختلف الدوائر الحكومية وكلهم في حالٍ ووضعٍ مأساوي لا يحسدون عليه، لذا تجمع هؤلاء المتقاعدون عن العمل في مديرية التأمين الاجتماعي في هذه المدينة منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أمام مبنى دائرتهم ، وأطلقوا الشعارات الغاضبة ضد مسؤوليهم لعدم تنفيذ مطالبهم المشروعة وعدم سماع صوتهم، وعدم إنصافهم في رفع التمييز عنهم وتحقيق المساواة بينهم.
ونشر صحفيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة، للاحتجاجات التي شارك فيها مئات الموظفين المتقاعدين، وشملت عدة مدن أحوازية، حيث ردد المتظاهرون هتافات مناهضة لنظام خامنئي، مثل (الموت للمرشد) و(يكفي الوعد والوعد لمائدتنا فارغة) و(عار الوزير غير الكفء).
وفي هذا الصدد، جدد المتقاعدون من مؤسسات مختلفة في الأحواز العاصمة، تظاهراتهم ضد سياسات الاحتلال الإيراني أمام مبنى صندوق التقاعد، احتجاجًا على عدم تنفيذ خطة مساواة الرواتب، المزايا، وأيضًا عدم حصولهم على التأمين الصحي التكميلي.
وطالب المحتجون، المسؤولين المعنيين بتنفيذ خطة معادلة الرواتب والمزايا وإمكانية وصولهم إلى خدمات التأمين الصحي التكميلي وزيادة الرواتب والتمتع وجود الضمان الاجتماعي حسب الوضع الاقتصادي.
احتج المتقاعدون في الأحواز عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة، ورفعوا لافتات أمام مكاتب الضمان الاجتماعي في كل مدينة، مشيرين إلى تدني مستوى المعاشات المخصصة لهم، وعدم تناسبها مع التضخم الاقتصادي، وطالبوا مسؤولي الاحتلال، بزيادة هذه المعاشات، وفق قرار المجلس الأعلى للعمل والضمان الاجتماعي.
واستمرارًا لسلسلة احتجاجاتهم ضد عدم التزام الحكومة بقانون زيادة الأجور، احتج متقاعدو الضمان الاجتماعي مرة أخرى في 19 مدينة على الأقل. وانتشرت فيديوهات على شبكات التواصل الاجتماعي أظهرت أن عدة مدن كانت مسرحًا لاحتجاج المتقاعدين منها: كرمان، أردبيل، أصفهان، رشت، شوش، مشهد، تبريز، زنجان، كرمان، ايلام، خرمشهر، بابل، اراک، الأحواز،کرج، شوشتر، سیرجان، تهران ودزفول.
وطالب متقاعدو الضمان الاجتماعي بإلغاء زيادة العشرة فالمئة للأجور التي فوق الحد الأدنى، وتنفيذ قانون زيادة 57٪ في أجورهم، بالإضافة إلی دفع دين بقيمة أكثر من 400 ألف مليار تومان خلفته الحكومات الإيرانية المتعاقبة من أكثر من خمسين عامًا.
وبدأت هذه الاحتجاجات منذ قرار حكومة إبراهيم رئيسي بزيادة 10٪ على الأجور التي فوق الحد الأدنى. وبناء على التقارير، ردد المتقاعدون شعارات احتجاجية في العديد من المدن ففي مدينة رشت رفعوا شعار (رئيسي الكاذب.. أين وعودك؟)، وفي الأحواز رفع المحتجون شعارات أكثر قسوة مثل: حداد حداد اليوم، واحتجوا على عدم تطبيق الحكومة لقانون زيادة الأجور.
من جهة أخرى، تجمع متقاعدو الضمان الاجتماعي، وصناعة الصلب في مازندران وأصفهان، وموظفو شركة فلات قاره النفطية، وشركة آغاجاري للنفط والغاز، وعمال البتروكيماويات في معشور؛ احتجاجًا على عدم مراعاة مطالبهم المعيشية ورواتبهم التي لا تتناسب والتضخم والغلاء في البلاد.
واحتشدت مجموعة من متقاعدي الضمان الاجتماعي في مدينة الأحواز، في مسيرة أمام مبنى منظمة الضمان الاجتماعي احتجاجًا على سوء الأوضاع المعيشية وعدم تحقيق المطالب.
في مدينة شوش الأحوازية، خرج المتقاعدون إلى الشوارع ورددوا شعارات ضد حكومة إبراهيم رئيسي. واشتكى المتقاعدون من سوء سبل عيشهم، موضحين أن معاشاتهم التقاعدية تمثل أقل من ثلث خط الفقر الرسمي في إيران.
ويحتج المتقاعدون في الأحواز على سبل عيشهم السيئة منذ سنوات، ولكن بدلًا من الاستجابة لمطالبهم، يحاول نظام الملالي إسكات هؤلاء من خلال قمعهم واعتقال نشطائهم.
ومن المتوقع أن تستمر الاحتجاجات في الأحواز، حيث يُعد المتقاعدون من الفئات المهمشة في المجتمع، ويواجهون العديد من التحديات في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد حاليًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1- تجدد احتجاجات المتقاعدون في الأحواز، موقع شبكة دولة الأحواز الإعلامية، 31 ديسمبر/كانون الأول 2023.
2- الفقر وسوء الأوضاع المعيشية يدفع المتقاعدين بإيران للانتفاض بوجه نظام الملالي، موقع أورينت نت، 6 يونيو/حزيران 2022.
3- تقرير عن التجمعات الاحتجاجية للمتقاعدين في الأهواز وكرمنشاه وسنندج، موقع منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
4- استمرار التجمعات الاحتجاجية للعمال والمتقاعدين في مختلف مدن إيران، موقع إيران إنترناشيونال، 31 ديسمبر/كانون الأول 2023.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية