ارتكب "الحرس الثوري" منذ تأسيسه قبل 43 عامًا سلسلة من الجرائم الإرهابية الممنهجة، بدءًا من القيام بعمليات اغتيال المعارضين السياسيين لنظام الملالي في الداخل والخارج، إلى قمع أي بادرة ثورة تُبديها الشعوب الإيرانية ضد هذا النظام، وإعمال آلة القتل الجهنمية في أبناء القوميات غير الفارسية ومنهم الأحوازيون العرب، والبلوش والأكراد والأذريين، وصولًا إلى القيام بعمليات إرهابية دامية، واغتيالات لدبلوماسيين ومسؤولين عرب وأجانب عبر العالم.
وعقب ثورة 1979 مباشرة، نفذ نظام الملالي مجموعة من الاغتيالات لكوادر المعارضة الإيرانية، ففي العام 1989 اغتال 3 أشخاص تابعين لـ "الحرس" عبد الرحمن قاسملو، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ومساعده عبد الله آذر، في فيينا، واغتيال شابور بختيار، آخر رئيس وزراء في إيران تحت حكم الشاه في باريس عام 1991، وأودى الهجوم بحياة رجل أمن فرنسي وسيدة فرنسية.
وفي برلين عام 1992 اغتال "الحرس" الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، صادق شرفكندي، وثلاثة من مساعديه هم: فتاح عبدلی وهمایون اردلان ونوری دهكردی.
وتورط "الحرس" كذلك، في تفجيرات العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس عام 1994، التي أدت إلى مقتل أكثر من 85 شخصًا، وإصابة نحو 300 آخرين. وفي عام 2003 اعتقلت الشرطة البريطانية هادي بور السفير الإيراني السابق في الأرجنتين بتهمة التآمر لتنفيذ هذا الهجوم.
في أكتوبر/تشرين الأول 2018 كشف الملا أحمد منتظري، ابن المرجع الشيعي الإيراني الراحل حسين علي منتظري، نائب الخميني، الذي تم وضعه لاحقًا تحت الإقامة الجبرية، عن واحدة من أبشع الجرائم الإرهابية التي يمكن تخيلها، وهو قيام "الحرس" بوضع "متفجرات" في حقائب الحجاج الإيرانيين عام 1986.
وضبط رجال الأمن السعوديون في موسم الحج لعام 1986 شحنة كبيرة من المواد المتفجرة في حقائب عدد من الحجاج الإيرانيين، كانت كافية حال عبورها لهدم الكعبة نفسها!
وكُشف النقاب عن هذا المخطط، حين احتجت أسرة حسين علي منتظري، على تصريحات إعلامي إيراني بارز هو حسين دهباشي في أحد البرامج التلفزيونية، حول تورط سيد مهدي هاشمي صهر منتظري، في شحن المواد المتفجرة في حقائب الحجاج عام 1986، وأكدت الأسرة دور "الحرس" في تلك العملية الإرهابية الخسيسة.
صدر بيان أسرة منتظري بعد مقابلة حسين دهباشي، مقدم برنامج "خشت خام"، مع الكاتب والسينمائي المعروف محمد نوريزاد حول شحن المواد المتفجرة في حقائب الحجاج عام 1986، حيث قال الأخير إن قضية شحن المواد المتفجرة تمت من قبل سيد مهدي هاشمي، لأنه كان هو المسؤول عن الحركات التحررية للحرس الثوري.
وأكد البيان أن كشف النقاب عن هذه القضية من قبل المسؤولين في الحرس الثوري يومئذ، لم يكن لجهلهم وعدم خبرتهم بالأمور، وإنما ألصقوا هذه التهمة متعمدين لشخص معين لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، أي منتظري الذي كان موضوعا تحت الإقامة الجبرية وقتها، ليبرئوا أنفسهم عن تحمل مسؤولية تلك العملية.
ووجه منتظري رسالة إلى الخميني المرشد الإيراني وقتئذ، واردة في مذكراته المنشورة، وفي الرسالة كتب منتظري للخميني قائلًا: "الحرس الثوري ارتكب خطأً غير مقبول في موسم الحج، واستغل حقائب 100 حاج إيراني بينهم رجال ونساء طاعنون في السن من دون علمهم، حيث أهدروا كرامة إيران والثورة الإيرانية في المملكة وفي موسم الحج، فاضطر السيد مهدي كروبي، بصفته مندوبًا للخميني بخصوص شؤون الحجاج، أن يطلب من الملك فهد (العاهل السعودي الراحل) السماح والعفو".
وأضاف منتظري في رسالته إلى الخميني: "قال لي أحد القائمين على تلك العملية: يصر أحد المسؤولين في الحرس الثوري أن نتهم سيد مهدي هاشمي بأنه هو من كان وراء تلك العملية، رغم أنه ترك منصبه عام 1983، أي قبل الحادث بنحو 3 سنوات.
نفذ "الحرس" جرائم دامية في عدد من البلدان العربية والإسلامية، منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي حتى الآن، ففي عام 2003 تم إحباط مخطط إرهابي بدعم إيراني لتنفيذ أعمال تفجير في مملكة البحرين، والقبض على عناصر خلية إرهابية جديدة كانت تتلقى دعمًا مباشرًا من "الحرس" و"حزب الله" اللبناني، وتصاعدت هذه العمليات ما بين عامي 2011 و2016.
وكشفت الإمارات عام 2013 عن خلية "حزب الله العنقودية"، التي أنشِئت بواسطة عملاء تابعين لجهاز الاستخبارات الإيرانية و"الحرس"، وكانت تعمل على نقل معلومات تخص مواقع لمنشآت حكومية وعسكرية وأمنية واقتصادية حيوية ومهمة في الإمارات إلى إيران، إضافة إلى نقل معلومات عن صفقات الأسلحة التي عقدتها الدولة مع مختلف الدول إلى عملاء في جهاز الاستخبارات التابع لـ "حزب الله"، فضلًا عن نقل معلومات عن شخصيات ورموز سياسية ومالية واقتصادية وأمنية، تسببت بأضرار كبيرة للدولة، تمسُّ مركزها وسمعتها السياسية.
وأحرقت عناصر ما يسمى "حزب الله الحجاز" المدعوم من "الحرس" عام 1987، مصنعًا في المجمع النفطي في منطقة "رأس تنورة" شرق السعودية، وفي العام نفسه هاجمت عناصر "حزب الله الحجاز" شركة "صدف" في مدينة الجبيل الصناعية.
وفي 1987، تم الاعتداء على القنصل السعودي في طهران، رضا عبد المحسن النزهة، إذ اقتادته قوات "الحرس" واعتقلته، قبل أن تفرج عنه بعد مفاوضات بين السعودية وإيران.
وخلال الفترة بين عامي 1989 و1990، تورط "الحرس" في اغتيال 4 دبلوماسيين سعوديين في تايلاند، هم: عبد الله المالكي، وعبد الله البصري، وفهد الباهلي، وأحمد السيف.
كما تورط النظام الإيراني من خلال أيدي "الحرس" الملطخة بالدماء في تفجيرات الرياض، التي وقعت عام 2003، ونجم عنها مقتل عدد من المواطنين السعوديين والمقيمين الأجانب.
وفي 2011، أحبطت السلطات الأمنية في الولايات المتحدة محاولة اغتيال السفير السعودي السابق، وثبت تورط "الحرس" في تلك المحاولة، وحددت الشكوى الجنائية التي كُشف النقاب عنها في المحكمة الاتحادية في نيويورك، اسم الشخصين الضالعين في المؤامرة، وهما منصور أربابسيار الذي تم القبض عليه وإصدار حكم بسجنه 25 عامًا، وغلام شكوري، وهو ضابط في "الحرس" كان موجودا في إيران وقت صدور الحكم، ومطلوب لدى القضاء الأمريكي حتى هذه اللحظة.
وأصدرت محكمة الجنايات الكويتية في عام 2016، حكمًا بإعدام اثنين من المُدانين في القضية المعروفة بـ "خلية العبدلي" الإرهابية، أحدهما إيراني الجنسية من منسوبي "الحرس"، بتهم ارتكاب أفعال من شأنها المساس بوحدة وسلامة أراضي دولة الكويت والسعي والتخابر مع إيران و"حزب الله" للقيام بأعمال عدائية ضد الدولة الكويتية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية