العلاقات «المصرية ـ الأفغانية» (1922 ـ 1979م)

- 27 ديسمبر 2022 - 844 قراءة

«إن مصر هي بوّابة الحرمين الشريفين، مقدسة أرضها قداسة أرضهما، وقضيتها هي أهم قضايا المسألة الشرقية. فإذا عزت انتصرت ديار الإسلام، وإذا أصابتها الجراح أحدثت الفساد في جسد الأمة الإسلامية، لأن العروق بين مصر وجسد الأمة شديدة والاتصال، إنها أهم مواقع الشرق وروح الممالك الإسلامية».

هكذا قال جمال الدين الأفغاني عن مصر، التي تربطها بأفغانستان علاقات وطيدة تعود إلى زمن الفراعنة، حيث احتوت مقبرة الفرعون توت عنخ آمون، الذي حكم مصر في القرن 14 قبل الميلاد، على العديد من المصوغات الذهبية المطعمة بأحجار اللازورد الكريمة، كان مصدرها محافظة "بادخشان" شمال شرق أفغانستان.

وكانت فترة الخمسينيات إلى السبعينيات من القرن الماضي، من أهم الفترات في تاريخ العلاقات بين مصر وأفغانستان، فكان الاهتمام بالتبادل الثقافي والأدبي بين البلدين كبيرًا جدًا، وفى فترة الستينيات تحديدًا، عندما قطعت مصر علاقاتها مع عدد من دول العالم الغربي، كانت أفغانستان هي التي تتولى رعاية المصالح المصرية في هذه الدول، وهو مؤشر على مدى قوة وعمق العلاقات بين البلدين.

ومن المواقف التاريخية التي لا تُنسى، أنه عقب هزيمة 5 يونيو/حزيران 1967 توافد عدد كبير من الأفغان إلى السفارة المصرية في العاصمة كابل، طالبين التطوع للقتال إلى جانب الجنود المصريين على الجبهة. وحينما لم يتسن لهم ذلك، تبرعوا بالمال، كما تبرعت النساء بالحليّ لمساندة المجهود الحربي المصري.

غير أن مستوى العلاقات بين البلدين انخفض خلال الفترة من 1978 إلى 1992 إثر تدخل الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، ووصلت العلاقات بين البلدين في تلك الحقبة إلى أدنى مستواها، حيث أصبح التمثيل الدبلوماسي الأفغاني في مصر لا يتعدى سكرتيرًا أول أو ثانيًا.

وفي الحالة الأفغانية، إذا ما قررت مصر لعب دور يعزز مكانتها الإقليمية وامتلاكها مزيدًا من الأوراق التي تساعدها على إدارة مصالحها في الإقليم بشكل أكثر كفاءة، فإن مؤسسة الأزهر بما تملكه من رصيد في العالم الإسلامي يمتد لأكثر من ألف عام، يجعلها بوابة يمكن عبرها نفاذ مصر إلى المشهد الأفغاني بسلاسة.

ومن أبرز مظاهر الوجود المصري على أرض أفغانستان البعثة الأزهرية في كابل، التي لا تقتصر فقط على النشاط التعليمي، ولكن يمتد نشاطها ليشمل جوانب أخرى ثقافية مثل البرامج التليفزيونية الأفغانية التي يشارك فيها أعضاء البعثة الأزهرية، وعقد الورش التدريبية، والمسابقات الأدبية، ويدرس أكثر من 830 طالبًا بالمعهد الأزهري المصري في كابل، بالإضافة إلى 1045 طالبًا أفغانيًا ما بين مرحلة الليسانس والماجستير والدكتوراه يدرسون حاليًا بالأزهر الشريف.

وهذه الدراسة: العلاقات المصرية ـ الأفغانية (1922 ـ 1979م)، هي دراسة تاريخية في ضوء الوثائق المصرية غير المنشورة، وهي الأولى من نوعها في العالم العربي، وهي نتاج جهد بحثي وتاريخي كبير قام به الأستاذ الدكتور سعيد الصباغ، أستاذ الدراسات الإيرانية المعاصرة بكلية الآداب جامعة عين شمس، ورئيس وحدة الدراسات الإيرانية بمركز بحوث الشرق الأوسط، الذي يتفرد بين الباحثين العرب المعاصرين بدراساته الضافية والموثقة في الشأن الإيراني، وها هو يقدم لنا الدراسة التي بين أيدينا عن موضوع لم يُكتب فيه من قبل، ولا يحظى بكثير من الاهتمام، على الرغم من أن أفغانستان هي أحد أهم محددات الأمن القومي المصري والعربي.

 

 

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.