نجح النظام الإيراني من خلال عمل جاد ودؤوب، على مدار 40 عامًا هي عمر "الثورة الإسلامية"، في إيجاد عمق استراتيجي واسع لمشروعه التوسعي في المنطقة العربية، تحت مُسمى "محور المقاومة"، يمتد عبر طيف "جيوسياسي" واسع، من طهران إلى لبنان وفلسطين، مرورًا ببغداد ودمشق، وصولًا إلى صنعاء. ويجسد هذا المحور تصورات إيران لدورها الإقليمي، وآليات تعظيم نفوذها في المنطقة، بما يحقق مصالحها العليا، ويضمن لها إحكام السيطرة على مقدرات الأمة العربية.
وكان الهدف المعلن من "محور المقاومة" المزعوم، هو استقطاب كل نظام أو منظمة أو جماعة أو طائفة، تقف إلى جنب إيران في مواجهة الهيمنة الأمريكية على المنطقة، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، وعلى رأسها "حزب الله" اللبناني، وبعض فصائل المقاومة الإسلامية في فلسطين، وجماعة "الحوثي" اليمنية، ومليشيات "الحشد الشعبي" في العراق، والنظام الديكتاتوري الحاكم في سوريا.
أمّا الهدف الحقيقي من ذلك المحور، فهو إنشاء "هلال شيعي" لتطويق المنطقة العربية، والعبث بأمنها القومي، وإيجاد الظروف السياسية المواتية لـ "تصدير الثورة" الإيرانية إلى بلدان المنطقة، بحيث يصبح نظام الملالي هو المثال الأعلى لحكم الدول العربية، وتصير "ولاية الفقيه" هي الأسلوب الأمثل لإدارة شؤون الشعوب، وبالتالي تعود إيران "إمبراطورية فارسية" كما كانت في غابر الزمان!
وفي غيبة أي مشروع عربي لمواجهة هذا المحور الكاذب، أعادت طهران "إنتاج الهوية الشيعية" في العراق ولبنان واليمن، على أسس أيديولوجية؛ ودعمت النظام العلوي السوري برئاسة بشار الأسد، فنجحت في اختلاق هويات طائفية تسعى من تلقاء نفسها نحو تعزيز نفوذ إيران "الجيوسياسي" في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذه الدراسة، يكشف الأستاذ الدكتور سعيد الصباغ، أستاذ الدراسات الإيرانية المعاصرة بكلية الآداب جامعة عين شمس، عن الوجه القبيح لـ "محور المقاومة" باعتباره مجرد أكذوبة إيرانية، الهدف منها هو خدمة مشاريع الملالي ومخططاتهم التوسعية المستمرة، وليس "مقاومة" أي مشاريع أخرى، سواء أمريكية أو صهيونية في المنطقة. وهو ما يؤكد أن طهران تكذب وتتجمل، لإسباغ مُثل سياسية عليا على مشاريعها العدوانية، فمن اليمن إلى العراق ومن سوريا إلى لبنان، يُخيّم كابوس "محور المقاومة" على هذه البلدان، فيحيل أهلها قرابين فداء، قتلًا وتغييبًا وتعذيبًا واعتقالات، من أجل أن يستمر المشروع الإمبراطوري الإيراني على قيد الحياة.
ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية