العراق... سنوات من السيادة المفقودة

- 20 يناير 2024 - 236 قراءة

مسؤول في حكومة كردستان العراق: الهجمات التركية تسببت في هجر السكان لما لا يقل عن 800 قرية منذ عام 2015

 

الدفاع التركية تتفاخر بقتل أكثر من 2200 من مقاتلي "حزب العمال" خلال 2023 خارج الحدود التركية

 

الهجمات التركية بالعراق تسبب فى احتراق 445 ألف فدان من الأراضي الزراعية بين عامي 2007 و2018

 

 

لم يختلف عام 2023 في العراق عن عشرات السنين التي سبقته خاصة فيما يخص التدخلات التركية المستمرة في البلاد منذ ثمانينات القرن الماضي.

وواصلت تركيا خلال 2023 انتهاك السيادة العراقية وشن هجمات تزعم تركيا أنها تستهدف معاقل حزب العمال الكردستاني المعارض لنظام أردوغان والذي تصنفه أنقرة وبعض الدول الغربية فى خانة التنظيمات الإرهابية.

وجاء إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل ساعات قليلة من نهاية عام 2023 عن نية بلاده الإستمرار فى تنفيذ العمليات العسكرية خارج تركيا ليكشف عن طبيعة النظام التركي واستراتيجيته فى التعامل مع دول الجوار كأرض مستباحة بلا سيادة فى مخالفة صارخة للأعراف الأممية والقانون الدولي.

تعهد أردوغان بمواصلة العمليات العسكرية خارج تركيا، والذي يأت إنطلاقًا من نظرية "الميثاق الملي" التي يعتقدها الرئيس التركي وقطاع كبير من شعبه باعتبار أجزاء كبيرة من سوريا والعراق جزءًا من الدولة التركية الكبري، وريثة الخلافة العثمانية، وبالتالي التدخل في الدولتين وانتهاك سيادتهما كحق طبيعي لأنقرة بغض النظر عن الموقف الدولي أو رفض بغداد ودمشق لهذه التدخلات.

وإنطلاقًا من هذه العقيدة جاء إعلان وزارة الدفاع التركية الخميس 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن قيام الجيش التركي بإستهداف وقتل 2201 عنصرًا من حزب العمال الكردستاني في العراق وسوريا منذ مطلع 2023 وحتى آخر أسبوع منه.

عمليات القتل التي أعلنت عنها وزارة الدفاع التركية جاءت كواحدة من آلاف الغارات وعمليات القصف التي طالت مدن عراقية حيث يتواجد "حزب العمال" في منطقة قنديل الحدودية داخل السيادة العراقية.

ويشن الجيش التركي بشكل شبه يومي عمليات عسكرية برية وجوية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومواقعهم في شمال العراق حيث يقع إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي، وفي منطقة سنجار الجبلية.

ولا يكتفي النظام التركي باستهداف المناطق الحدودية ومعاقل "حزب العمال" بل سبق له استهداف محافظة السليمانية ومدن دهوك ما أسفر عن سقوط عشرات المدنيين.

وفى السابع من أبريل/نيسان الماضي نجا مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية والذي كان فى زيارة للسليمانية برفقة ضباط أمريكيين من محاولة إغتيال تركية بعد أن استهدفت طائرة مسيرة تابعة للجيش التركي مطار السليمانية.

 

إحصاءات فاضحة

 

وبحسب وسائل إعلام عراقية فقد أحصت لجنة الأمن والدفاع النيابية، عدد الخروقات التركية على العراق طيلة السنوات الماضية، بأكثر من 22 ألف خرق أمني، في الوقت الذي قدم العراق أكثر من 16 الف مذكرة احتجاج، الا ان القوات التركية لا تتوقف عن ممارسة الاعتداءات.

وذكر تقرير نشرته منظمة "بيسميكر تيمز" التي تتخذ من شيكاغو مقرًا وتوثق تداعيات النزاعات في شمال العراق على المدنيين، فإن ما لا يقل عن 148 مدنيًا قتلوا و221 أصيبوا في العمليات التركية في العراق منذ 2015 وهذه الأرقام خاصة بمن توصلت المنظمة لأسمائهم دون غيرهم من الضحايا المجهولين.

ووفقًا لتقديرات المنظمة أيضًا فإن نحو 444.800 فدان من الأراضي الزراعية احترقت بين 2007 و2018 بسبب العمليات العسكرية التركية في العراق.

ونقلت تقارير صحفية عن مسؤول في حكومة كردستان العراق، أن الهجمات التركية تسببت في هجر السكان لما لا يقل عن 800 قرية منذ 2015، وهو العام الذي شهد إنهيار وقف إطلاق النار بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، مما دفع الآلاف إلى الفرار من منازلهم.

وبحسب وسائل إعلام عراقية فمنذ بدء عام 2023 وحتى أواخر سبتمبر/أيلول كانت هناك حوالي 300 عملية خرق تركي للسيادة العراقية من الجو ومن الأرض، وربما تضاعف هذا الرقم فى الربع الأخير من العام خاصة بعد مقتل 12 جندي تركي شمال العراق وهو ما ردت عليه أنقرة بشن عشرات الغارات.

 

تاريخ من الانتهاكات

 

تعهد الرئيس التركي بمواصلة العمليات العسكرية خارج البلاد وتحديدًا فى العراق بأنه ليس مرتبطًا بشخص أردوغان بقدر ارتباطه بالنظام التركي نفسه أيًا كان شخص الرئيس أو الحزب الحاكم.

بنظرة سريعة على التدخلات التركية فى العراق نجد أن تركيا أطلقت أول عملياتها بالعراق ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني فى مايو/أيار عام 1983، بالاتفاق مع الحكومة العراقية.

واستمرت الهجمات التركية، حيث أطلقت أنقرة في أكتوبر/تشرين الأول 1984، وأغسطس/آب 1986، حملتان عسكريتان، فى محاولة جديدة للقضاء على مقاتلي "العمال الكردستاني" شمال العراق.

وبعد فترة هدوء، أطلقت حملة عسكرية رابعة في عام 1991 تحت اسم "العصا" وهو العام الذي شهد زيادة في المقار والمراكز العسكرية التركية في عموم محافظات كردستان.

وفي عام 1992، كتب رئيس وزراء تركيا الراحل تورغوت أوزال، رسالة إلى زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان المسجون بتركيا منذ عام 1999 طلب فيها تخفيف العمليات العسكرية ضد الجيش التركي للتمهيد للمفاوضات بين الطرفين، لكن المساعي فشلت في تحقيق نتيجة ملموسة. وشنت تركيا حملة عسكرية أخرى في العام نفسه شارك فيها 15 ألف جندي واستخدمت فيها الدبابات والمدافع الثقيلة والطيران الحربي، إلا أنها لم تنجح، فانسحبت القوات بعد 20 يومًا من إطلاق الحملة.

 وأطلقت تركيا بعدها عدة حملات في أعوام 1993 و1994 و1995 بمشاركة عشرات الآلاف من الجنود، وشارك في الأخيرة 30 ألف جندي بالتعاون مع الحزب "الديمقراطي الكردستاني" الذي يحتفظ بمواقف معادية لـ"العمال الكردستاني"، ودامت مدة 45 يومًا وفشلت فى تحقيق أهدافها وانسحبت بعد شهر ونصف من الهجوم.

وبحلول عام 1999 وصل عدد الحملات التي أطلقتها تركيا داخل إقليم كردستان للقضاء على مقاتلي "حزب العمال" إلى 24 عملية عسكرية وفي أعوام 2000 و2007 و2008 أطلقت تركيا حملات مشابهة.

ومنذ عام 2008، حلت الضربات الجوية التركية تدريجيًا محل عمليات التوغل البرية ومنذ ذلك الحين أصبحت تركيا أكثر اعتمادًا على طائراتها المسيرة ومصادر الاستخبارات البشرية الخاصة بها خاصة مع وجود قرابة  30 قاعدة وثكنة ومركز تدريب تابع لتركيا داخل الأراضي العراقية وعلى طول الشريط الحدودي.

 

المعسكرات التركية بالعراق

 

وهناك تقارير تتحدث أن تركيا تملك الآن نحو 80 نقطة عسكرية في العراق، شيدت ما لا يقل عن 50 منها في العامين الماضيين.

وبحسب التقارير تتواجد القواعد العسكرية التركية بالعراق في كل من مناطق بامرني، شيلادزي، باتوفان، كاني ماسي، كيريبز، سنكي، سيري، كوبكي، كومري، كوخي سبي، سري زير، وادي زاخو والعمادية.

وفي عام 2014 ، عقب ظهور تنظيم داعش الإرهابي أنشأت تركيا قواعد أخرى في بعشيقة وصوران وقلعة جولان، وحولت المقر العسكري في منطقة "حرير" القريبة من أربيل إلى قاعدة عسكرية، إلى جانب معسكر "زمار" لتدريب جنودها.

وتمتد مناطق انتشار القواعد التركية في إقليم كردستان العراق على طول الحدود بدءًا من "معبر خابور" وصولًا إلى منطقة "صوران".

كما قامت ببناء "قاعدة سيدكان" وبضع مقرات عسكرية في منطقتي "ديانا وجومان" القريبتين من جبال قنديل، من أجل إحكام السيطرة على مناطق "خنير وخاوكورك وكيلاشين".

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية

ابق على اطلاع على النشرة الإلكترونية

معلوماتك فى امان معنا! إلغاء الاشتراك في أي وقت.